الشبح المدمر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الشبح المدمر

الشبح المدمر
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قراءة في كتاب دور العلم والتكنولوجيا في المشروع الصهيوني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الملك
الملك
الملك
الملك


ذكر عدد الرسائل : 251
العمر : 33
Localisation : مصر
تاريخ التسجيل : 03/03/2007

قراءة في كتاب  دور العلم والتكنولوجيا في المشروع الصهيوني Empty
مُساهمةموضوع: قراءة في كتاب دور العلم والتكنولوجيا في المشروع الصهيوني   قراءة في كتاب  دور العلم والتكنولوجيا في المشروع الصهيوني Icon_minitimeالثلاثاء مايو 29, 2007 12:38 am

دور العلم والتكنولوجيا في المشروع الصهيوني
تأليف-أحمد بهاء الدين شعبان
عرض- ممدوح الشيخ
يشكل كل من العلم والتكنولوجيا علامة مميزة للعصر الحديث من تاريخ البشرية، وقد أديا أدواراً تاريخية في تشكيل صورة الحياة في عالمنا أكثر من أي عصر مضى. وهذا الكتاب يتتبع فصلاً مهماً من فصول تاريخ العلم والتكنولوجيا في تاريخنا المعاصر، إذ تحولا إلى أداتين من أدوات الصراع بمعناه الشامل، السياسي والاقتصادي والثقافي، وبالطبع العسكري. وقد اختار الكاتب أحمد بهاء الدين شعبان الدور الوظيفي للعلم والتكنولوجيا في تكوين وتطوير الدولة الصهيونية ليحقق باختياره هدفين في آن، وهما: التنبيه للمنعطف الخطير الذي وصل إليه مسار الصراع مع هذا المشروع العدواني، والتأريخ لدور العلم في خدمة مشروع سياسي كنموذج يمكن أن نستفيد منه الكثير.


صدمة ما قبل القراءة


في بداية كتابه يضع المؤلف العلم والتكنولوجيا في سياق الواقع الدولي، مؤكداً أن البشرية مع دخولها القرن الجديد اتضحت في وعيها صورة المنحى الذي يحدد التوجيهات العامة لموقع العلم والتكنولوجيا ودورهما في صياغة المستقبل، حيث أصبح هذا الموقع محورياً على نحو لم يتحقق - بأية صورة - منذ انطلاق الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر. وفي القلب يأتي الدور الذي تلعبه - وستلعبه - قطاعات الإنتاج "كثيفة المعرفة" في تقدم مطرد على حساب القطاعات "التقليدية"، ويقصد بالقطاعات "كثيفة المعرفة" تلك التي ترتكز على نتائج ثورة المعلومات والاتصالات،


بنية المشروع الصهيوني


تحت عنوان: "إطار الدراسة ومحدداتها" يقول المؤلف: تستهدف الدراسة البحث في الأصول والمرتكزات التي وفرت السبيل أمام الدولة الصهيونية - ولم يتعد عمرها نصف قرن - لتحقق ما حققته من تطورات علمية وتكنولوجية، وتبحث في الشروط الموضوعية الداخلية والخارجية التي مهدت لتحقيق هذا الإنجاز، كما ترصد الدور المحوري للدعم الخارجي الذي ساعدها على "حرق المراحل".


وضعية العلوم في "إسرائيل"


في الفصل الأول من الكتاب وعنوانه: "العلوم (كثيفة المعرفة) وتطبيقاتها معيار التقدم" يشير الكاتب إلى ما قرره جي دي برنال في ستينيات القرن الماضي في كتابة: "العلم في التاريخ" إذ يقول: " قد أصبح من البدهي في يومنا هذا أن المصدر الحقيقي للثروة لم يعد امتلاك الخامات أو قوة العمل أو الآلات، وإنما امتلاك قوة بشرية مثقفة وعلمية وتكنولوجية". ويمكن النظر إلى الرؤية الإسرائيلية لوضعية العلم والتكنولوجيا باعتبارهما تطبيقاً عملياً لمقولة برنال السابقة. ولا تمثل الدولة الصهيونية نشازاً في هذا السياق، فواقع العلم المتقدم يؤكد ذلك.
الفصل الثاني من الكتاب يأتي تحت عنوان: "وضعية العلوم والتكنولوجيا في (إسرائيل): محددات أساسية"، وفيه يتعرض الكاتب للصراع الذي احتدم عند التفكير في إنشاء الجامعة العبرية بين وجهتي نظر متباينتين، الأولى يمكن وصفها ب "الشعبوية"، مثَّلها زئيف جابوتنسكي زعيم الحركة التصحيحية، ونادى بأن تكون جامعة مفتوحة كبيرة الأعداد تعوض الطلاب اليهود عما يسميه "ما لحقهم نتيجة التمييز ضدهم"، ووجهة النظر الأخرى مثلها حاييم وايزمان الذي تبنى النموذج الألماني الصارم، مؤكداً الطابع النخبوي للجامعة وضرورة التركيز على البحث العلمي الأدكاديمي والدراسات العليا والاهتمام بالكيف. وكان لانتصار آراء وايزمان دور حاسم في صياغة توجهات النظام الأكاديمي الإسرائيلي حتى الآن. وعندما تولى منصبه كأول رئيس لإسرائيل أولى قضية العلم والتكنولوجيا اهتماماً رفيعاً.
وواصل ديفيد بن جوريون - أول رئيس وزراء لإسرائيل - هذه التقاليد التي أصبحت راسخة في الدولة الوليدة، وهو مما يعبر عنه قوله: "إن التطور العلمي شرط مهم لتعزيز أمننا... إن العلم مفتاح القوة العسكرية، وشبابنا الموهوبون الذين يدرسون القانون بدلاً من العلم، إنما يضيعون رأس مال بشري يشكل عند الشعب قيمة لا تقدَّر". وحتى بعد رحيل بن جوريون بسنوات، ظلت "وصاياه" بشأن الدور المنوط بالعلم والتكنولوجيا يحظى بالتقدير.


بناء الاقتصاد الإسرائيلي


في الفصل الثالث وعنوانه: "العلم والتكنولوجيا: من خدمة الأمن والعسكرة إلى رافعة للنهوض بالاقتصاد الإسرائيلي" يتناول الكاتب أحمد بهاء الدين شعبان مسار دور العلم في بناء اقتصاد الدولة العبرية والنهوض به، فمن البداية رفع بن جوريون شعار "يجب أن يكون لنا أحسن جيش في العالم وإلا خسرنا"، ولتحقيق هذا الهدف سارت القيادة الصهيونية في مسارين:
الأول: جمع أحدث الأسلحة والمنجزات التكنولوجية بكل السبل استعداداً لساعة النزال.
الثاني: مسار التصنيع المحلي للسلاح ونظم القتال والذخيرة.
وفي إطار المسار الثاني أنشأ الصهاينة أول مصنع للسلاح قبل نشأة الكيان الصهيوني (1933م)، وبالنظر للأهمية المحورية لمسألة الأمن أصبحت الصناعات العسكرية "الرافعة" التي نهضت بالاقتصاد الإسرائيلي، وكان عام 1967م بداية "عسكرة" الاقتصاد الإسرائيلي فتحول من الزراعة - اعتماداً على صادرات الحمضيات - وأصبح على درجة عالية من التصنيع المرتبط بالتقنية العالية. واحتلت الصادرات العسكرية مكانة مهمة في بنية الاقتصاد الإسرائيلي، فبينما كانت في عام 1989م تمثل في بريطانيا 5ر2% وفي فرنسا 4- 5% وفي الولايات المتحدة 5ر4% كانت الصادرات العسكرية في الدولة العبرية تمثل 16%.


الجيش حاضنة الطفرة التكنولوجية


وحسب البروفيسور حادي أريفا (جامعة تل أبيب) فإنك إذا أردت أن تفهم صناعات التقنية العالية في إسرائيل فعليك أن تبدأ بفهم الجيش، فقد أنشئ عام 1948م في الجيش الإسرائيلي فرع يسمَّى "سلاح العلوم" الذي تحول فيما بعد إلى "قسم البحوث والتخطيط التابع لوزارة الدفاع" وصار يطلق عليه الآن "هيئة تطوير الوسائل القتالية" المعروفة اختصاراً باسم "رفائيل".
ومنذ إنشاء "رفائيل" تحددت مهمتها في: "تطوير وسائل قتالية جديدة عن طريق التكنولوجيا المتقدمة جداً". وهي تعرف نفسها على الإنترنت بأنها: "رائدة عالمية في مجال تطوير وإنتاج نظم التسليح والسيطرة المتقدمة للقوات البحرية والجوية والبرية"، وكان يعمل بها عام 1983م حوالي 6 آلاف معظمهم من الفنيين رفيعي المستوى، ولعبت "رفائيل" دوراً هاماً في تطوير الصواريخ أرض- أرض والصاروخ أرض- جو طراز "شافيت"، وكذلك تطوير نظم التوجيه والحرب الإلكترونية والحواسب العسكرية والقنابل الذكية وغيرها.
وحسب الإحصاءات الرسمية يتم توجيه ثلاثة أرباع الإنفاق المخصص للبحث العلمي في إسرائيل إلى الأبحاث العسكرية والأبحاث المرتبطة بالأمن القومي، وهي الأعلى عالمياً، ففي ألمانيا تبلغ 5% وفي فرنسا 20% وفي بريطانيا 30%.
ونتيجة هذه البنية أصبحت الدولة العبرية في مطلع التسعينيات تصدر السلاح إلى 62 دولة، وأصبحت الصناعات العسكرية "القطاع القائد" في الاقتصاد الإسرائيلي، فاحتلت المرتبة الخامسة عالمياً بين مصدري السلاح في العالم. وحسب دراسة قامت بها لجنة برئاسة اللواء احتياط موشة بيلد مساعد وزير الدفاع للصناعات العسكرية، فإن الدولة العبرية تتمتع بتفوق نسي ظاهر في البنية التحتية العلمية مقارنة بكل من: أمريكا وفرنسا وبريطاينا، ويرجع ذلك - حسب التقرير - إلى أن الجيش الصهيوني طمس الفارق بين الجيش والصناعة.
غير أن الأزمة الاقتصادية التي عانت منها الصناعات العسكرية من جهة، والصعوبات العديدة التي واجهتها بعض أفرع الصناعات الإسرائيلية التكنولوجية المتقدمة في وجه نظيراتها الغربية من جهة أخرى، أدى إلى ارتباكات ملحوظة في مواقع بحثية وإنتاجية متعددة، وهو ما عبرت عنه الدكتورة أربناري (كبيرة العلماء في وزارة الصناعة والتجارة الإسرائيلية)، وقد أكدت ضرورة أن تزيد الميزانية الحكومية للأبحاث والتطوير وإلا "سيكون هناك شك في استمرار نشاط بعض الشركات الرائدة في التكنولوجيا".


تأثير هجرة العلماء


الفصل الرابع من كتاب: "الدور الوظيفي للعلم والتكنولوجيا في تكوين وتطوير الدولة الصهيونية" يأتي تحت عنوان: "أثر هجرة العلماء على تطوير القدرات العلمية والتكنولوجية لإسرائيل"؛ وفيه يقرر الباحث أحمد بهاء الدين شعبان أن الدول الغربية - وفي مقدمتها الولايات المتحدة - مثلت للدولة العبرية معيناً لا ينضب، استقدمت منه كل أشكال الدعم العلمي والتكنولوجي، وبخاصة الكوادر العلمية والتكنولوجية الرفيعة. وتشير دراسة أكاديمية إلى أن نسبة العلماء بين المهاجرين لإسرائيل مثلت عام 1968م حوالي 33%، وأشارت دراسة أخرى أن 86% من العاملين في الحقل الطبي آنذاك كانوا من المهاجرين، ومثلت الكفاءات الأوروبية 65% من أساتذة الجامعة العبرية، وفي عام 1963م كان هناك 547 أستاذاً في الجامعة العبرية 34% منهم فقط ولدوا في الدولة العبرية.
وفي أوائل التسعينيات هيَّأ انهيار الاتحاد السوفيتي (السابق) فرصة تاريخية للدولة العبرية، فحتى عام 2000م بلغ عدد المهاجرين السوفييت إليها حوالي مليون مهاجر، وتميزت هذه الهجرية بأنها "هجرة نوعية" تمتع مهاجروها بتعليم رفيع، وكثير منهم كان يعمل في قطاعات تكنولوجية شديدة التقدم والحساسية؛ وقد وصف أحد الأكاديميين الإسرائيليين نتائجها قائلاً إنها: "يمكن أن تحول إسرائيل إلى ما يشبه اليابان من الناحية التكنولوجية".


الدعم العلمي الخارجي


كما حظي المشروع الصهيوني بدعم هائل سياسي واقتصادي من القوي الغربية، تدفق الدعم العلمي والتكنولوجي على الدولة العبرية وهي بعد في طور التأسيس، وأخذ هذا الدعم أشكالا متعددة: كدعم إنشاء وتأسيس الجامعات والمؤسسات العلمية والتكنولوجية الإسرائيلية بالمال والخبرات، ورعايتها أكاديمياً، والتبادل العلمي بين المؤسسات الصهيونية ومثيلتها في الغرب، وإمداد المؤسسات العلمية الصهيونية بالمشروعات الاسترتيجية، كما حدث في البرنامج الإسرائيلي الذي أنشئ بمساعدات فرنسية وألمانية ونرويجية وبريطانية وأمريكية. وحتى نهاية القرن المنصرم كانت وزارة العلوم الإسرائيلية قد وقعت اتفاقات تعاون علمي مع 26 دولة تتضمن برامج أبحاث مشتركة وتبادل باحثين ومؤتمرات، وقد اختار الباحث علاقة الدولة الصهيونية بكل من: أوروبا وأمريكا والصين كنماذج للتحليل.
وعلى صعيد العلاقة بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، يقول الباحث إنها وصلت إلى قمتها عام 1977م، عندما توجهت بإنشاء مؤسسة مشتركة للبحث والتطوير برأسمال قدره 110 ملايين دولار، وحتى عام 1988م مولت هذه المؤسسة 182 مشروعاً علمياً مشتركاً. أما "الوكالة الأمريكية- الإسرائيلية للعمل والتكنولوجيا" التي أنشئت في عهد الرئيس كلينتون (1993م) وتعمل تحت إشراف وزارة التجارة الأمريكية، فساعدت مالياً في تغطية تكلفة حوالي خمسمئة مشروع بحثي حددتها مؤسسات إسرائيلية. وحسب موقعها على الإنترنت، فإنها تهدف إلى "تعزيز التعاون العلمي والتكنولوجي والتجاري بين البلدين" وبدأت عملها بميزانية تبلغ 30 مليون دولار لمدة ثلاثة أعوام.
ومن ناحية أخرى كان للدعم الأوروبي دور حاسم، فخلال الاثني عشر عاماً الماضية تمتعت الدولة الصهيونية بكل حقوق الأعضاء في الاتحاد الأوروبي - عدا حق التصويت - في إطار برنامج "البحث العلمي للاتحاد الأوروبي"، ومن خلال هذه العضوية تم تمويل 369 برنامجاً بحثياً إسرائيلياً.
وغني عن البيان أن جانباً مهماً من الأبحاث المشتركة بين الأوساط العلمية الإسرائيلية ونظيراتها الغربية يصب في تطوير آلة الحرب الإسرائيلية وتحسين أدائها، ومن أهم الأمثلة على ذلك خطة التطوير المشترك في مجال العلوم والتكنولوجيا العسكرية الموقعة بين ألمانيا وفرنسا وإسرائيل عام 1997م، فبموجبها يتعاون الأطراف الثلاثة في حل بعض مشكلات التصنيع العسكري وتطوير أجهزة ومعدات قتالية فعالة، مثلما حدث بالنسبة للتعاون في أبحاث ديناميكا الموائع التي تستخدم الحواسيب المتقدمة، وهو ما ساعد على تطوير قدرات الطائرات المروحية في قوة الإقلاع بنسبة 50% وفي سرعة الطيران بنسبة 35% وفي كفاءة دوران ريش المراوح بنسبة 30%.


دعائم البنية العلمية


الفصل السادس من الكتاب، وعنوانه: "المؤسسات العلمية والمراكز الأكاديمية الإسرائيلية"، يبدأ بموجز لتاريخ مؤسسات العلم والبحث العلمي في الدولة الصهيونية، إذ يعود الاهتمام بها إلى ما قبل تأسيس الدولة، ومن أقدم الدعوات للاهتمام بالعلم ما طرحه الدكتور ياؤول نيثان في مطلع القرن الماضي مقترحاً إنشاء "مؤسسة تعليمية تقنية" في " أرض إسرائيل"، ومهد بذلك للقرار الذي أصدره المؤتمر الصهيوني الخامس (1901م) بتكليف الدكتور حاييم وايزمان بإنشاء الجامعة العبرية ومعهد التخنيون.
وبعد تأسيس هذه المنشآت وغيرها، اعتمد وايزمان على عدد من ذوي الكفاءات العلمية الرفيعة، ومعظمهم من الكوادر العلمية البارزة في جامعات أوروبا، ومن المهم هنا - كما يشير المؤلف - أن ننتبه إلى أن العنصر الحاكم في توليه رئاسة هذه المؤسسات والمواقع القيادية كان معياره القدرة العلمية والكفاءة الإدارية، دون النظر لاعتبارات الولاء الشخصي، وهو ما سمح - على سبيل المثال - لعالم يميني متطرف هو البروفيسور يوفال نئمان أن يتبوأ أعلى المناصب في ظل حكم حزب العمل "اليساري". وحسب دراسة منشورة عن العلوم والتكنولوجيا في إسرائيل، فإن الخريجين في تخصصات العلوم الأساسية التطبيقية يعدون المصدر الأول لكوادر العلماء في إسرائيل.


صناعة البحث والتطوير


في الفصل السابع من الكتاب - ويحمل عنوان: "أوضاع صناعة البحث والتطوير في إسرائيل" - يبدأ الباحث باستعراض بنية هذه الصناعة التي يقوم على تخطيط سياساتها عدد من اللجان والمؤسسات والهيئات المتكاملة.
وقد أنشأت الجامعات والمعاهد الإسرائيلية شركات - وصلت مع نهاية القرن العشرين إلى 1800 شركة - تعمل في مجال استغلال اكتشافاتها العلمية تجارياً، وأيضاً تطوير نقل التكنولوجيا إلى الصناعة. وحتى عام 1998م كان عدد شركات الصناعات الدقيقة المتطورة في إسرائيل يبلغ حوالي 2000 شركة، لتحل بهذا الرقم الموقع الثاني عالمياً بعد الولايات المتحدة في عدد شركات التكنولوجيا الرفيعة.
وبطبيعة الحال كان هناك إدراك لكون الثروة البشرية هي عماد اقتصاد ما بعد الصناعة، ومن ثم كانت الإنجازات في هذا المجال متوازية مع أعداد المؤسسات البحثية والشركات والوحدات الإنتاجية.


ميزانيات البحث العلمي


ولكي تنأى الدولة الصهيونية بالبحث العلمي عن تقلبات السياسة وصراعاتها، منحت العلماء دوراً كبيراً في وضع السياسات العلمية وتنفيذها، كما أنفقت عليه نسبة كبيرة من الدخل القومي. فمن الناحية التنظيمية أنشأت الحكومية منصب "كبير العلماء" في وزارة الصناعة والتجارة، ومهمته مساندة الجهات البحثية العاملة في مجال البحث والتطوير، وقد مول في عام واحد (1996م) 1200 مشروع بحثي تقدمت بها 800 شركة إسرائيلية. وكان المردود أن تصبح المنتجات المعتمدة على التكنولوجيا الراقية نصف صادرات الكيان الصهيوني.
ومن ناحية التمويل بلغت الميزانية الحكومية للبحث والتطوير في بداية التسعينيات 260 مليون دولار إضافة إلى 70 مليون دولار من التمويل الخارجي، وبذلك تكون نسبة الإنفاق على البحث والتطوير 2ر2% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل إنفاق عربي على البحث العلمي لا يزيد عن 2ر0% يساوي "سُبع" المتوسط العالمي و "عُشر" الإنفاق الإسرائيلي.
وتحت عنوان: " أبحاث التسليح وتكنولوجيا الفضاء"، يرصد الباحث المردود العسكري والاقتصادي للبحوث، فنتيجة تخصيص ميزانية سنوية لأبحاثه بلغت 690 مليون دولار (1998م) تمكن الكيان الصهيوني من تصدير كثير من المنتجات العسكرية كالنظم الإلكترونية والكبيوترات المتقدمة والطائرات بدون طيار، وأخيراً "البندقية الرقمية" المرشحة لقتال المدن.


نماذج من الإنجازات


الفصل التاسع - وعنوانه: "نماذج للإنجازات العلمية الإسرائيلية في بعض مجالات العلوم والتقنيات العالية" - يبدأ باستعراض التطور في مجال الحاسب الآلي وتكنولوجيا الاتصالات، حيث أدركت إسرائيل مبكراً الأهمية القصوى التي ستمثلها الحاسبات الآلية في مسار التطور العلمي والتكنولوجي الحديث، فكانت هذه التخصصات تدرس في الجامعات وفي مقدمتها عهد وايزمان الذي صنع باحثوه أول كمبيوتر عام 1954م. وفي بداية عقد السبعينيات من القرن العشرين كانت الدولة الصهيونية قد دربت 700 متخصص على استخدام الحواسيب، وفي بداية العقد التالي أنشأت مركزاً لتصميم وبناء الحواسب يرتبط بكلية التكنولوجيا الكائنة ببئر سبع، كما نشطت منذ وقت مبكر في امتلاك السوبر كمبيوتر من طراز "كراي2" فائق القوة والسرعة، وقد أشار سيمور هيرش في كتابة: "الخيار شمشون" إلى أن الإدارة الأمريكية اعتمدت منذ عام 1972م مخصصات لإمداد إسرائيل بجهازي كمبيوتر عملاقين، ضمن قدراتهما "المحاكاة النووية" التي تتيح إجراء التفجيرات النووية افترضياً، وقد حصلت عليهما في عهد الرئيس بيل كلينتون (1995م) وأحدهما طراز "أي بي إم" مكون من 64 وحدة ويستطيع القيام ب 17 مليار عملية في الثانية الواحدة، والثاني "كراي" ويستطيع القيام ب 2ر3 مليار عملية في الثانية.
وتفسر "نشرة معهد التصدير الإسرائيلي" هذا النمو في صناعة البرمجيات في إسرائيل بوجود سياسة حكومية خاصة لتطويرها، وتضرب النشرة أمثلة لذلك، فتذكر أن "مؤسسة التطوير والأبحاث الأمريكية- الإسرائيلية المشتركة" التي أنشئت عام 1977م بميزانية قدرها 110 ملايين دولار بلغت مبيعاتها حتى منتصف التسعينيات ملياري دولار.


وتدفقت الاستثمارات الأجنبية


وقد أدت هذه البنية المتطورة إلى تدفق الاستثمارات الغربية في مجالات الصناعات "كثيفة المعرفة"، وحسب الإقام الرسمية، يعمل في هذا المجال 5% من قوة العمل الإسرائيلية، بواقع 40 ألفاً؛ ويعكس متوسط الدخل السنوي فيه المكانة المرموقة لهذا القطاع، وقد ارتفع هذا المتوسط من 46 ألف دولار سنوياً (1984م) إلى 150 ألفا، بمتوسط راتب شهري قدره 12 ألف دولار.
وحقق المجال كله طفرات كبيرة متلاحقة انعكست أولاً في صادرات منتجاته، التي بدأت عام 1984م بداية متواضعة، حيث بلغت 5 ملايين دولار، وقفزت عام 1993م إلى 180 مليون دولار، ثم وصلت عام 1994م إلى 800 مليون دولار، وعادت لترتفع في العام التالي إلى خمسة مليارات من الدولارات، ومع مطلع القرن الحادي والعشرين وصلت إلى 10 مليارات دولار.
واجتذب هذا التطور التقني الكبير استثمارات صناعية غربية كبيرة أهمها:
*شركة انتل التي تستثمر 6ر1 مليار دولار في مصنع لأشباه الموصلات هو أكبر استثمار أجنبي منفرد في الكيان الصهيوني.
*أي بي إم أنشأت فرعاً لها يوظف أكثر من 1700 عامل وفني، وبسبب "أعمالها الجليلة" في خدمة الدولة الصهيونية حصلت عام 2001م على جائزة "جماعة الشراكة الأمريكية الإسرائيلية من أجل الديموقراطية".
*مايكروسوفت التي أنشأت فرعاً لها عام 1989م، هو أكبر موقع للبحث والتطوير خارج أمريكا، كما أنها الشريك الرئيس في شبكة الأقمار الاصطناعية الإسرائيلية، وقد حازت الجائزة التي سبقت الإشارة إليها.
*هيولت باكارد التي أنشأت في الثمانينيات فرعاً واشترت شركتي حاسبات إسرائيليتين، إحداهما توظف 650 شخصاً وتملك مصنعين كبيرين لأحبار طابعات الكمبيوتر، وتعدّ لإنشاء مصنع ثالث.
وفي الختام كان الدور الغربي - وبخاصة الأمريكي - كبيراً في تحقيق هذه الإنجازات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قراءة في كتاب دور العلم والتكنولوجيا في المشروع الصهيوني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشبح المدمر :: المنتدى العام-
انتقل الى: